رام الله 9-12-2019 وفا- أسيل الأخرس
محكوميته تصل الى مئة عام، قضى احدى وعشرين عاما منها في الأسر، بين عزل وحرمان من الزيارة وعقوبات أخرى، لكنها لم توهن عزيمته أو تتمكن من كسر ارادة التحدي لديه.
الأسير أيمن الشرباتي (51 عاما) من مدينة الخليل، تاريخ من المواقف والتحدي للسجان والتمرد على قراراته، التي كان آخرها يوم سماعه نبأ استشهاد الأسير سامي أبو دياك، عندها أحرق إحدى غرف معتقل "هداريم"، تعبيرا عن غضبه من سياسات الاحتلال بحق الأسرى والإهمال الطبي المتعمد، الذي أودى بحياة الأسير ابو دياك.
إحراق غرفة المعتقل ليست التمرد الأول للأسير الشرباتي، ففي عام 2015 أحرق علم اسرائيل داخل معتقل نفحة، وحرم إثر ذلك من الزيارة طيلة عام، ووضع في العزل لشهرين، وبعد عامين أحرق الفراش في معتقل جلبوع، وبعد فترة قصيرة أحرق علم إسرائيل مرة ثانية داخل ساحة معتقل جلبوع، احتجاجًا على الاعتداءات المتكررة من إدارة السجون على الأسرى.
ريما زوجة الأسير الشرباتي، تقول: "خسرنا عمرنا وشبابنا، 21 عاما هدّوا حيلي، ربيت أربعة أطفال "علاء، ومحمد، وحنين، ويارا"، قضيت حياتي بين طريق الزيارة واعبائها برفقتهم، ومسؤولية تربيتهم، واضطراري للعمل لإعالتهم، إلى جانب القلق والترقب لأي خبر يصلنا منه، والآن لا نعرف مكانه".
وتضيف: اعتقل أيمن وهو في 29 من عمره، بينما كنت في الـ26 وكنت حاملا، لم يعرف بحملي الا بعد ستة اشهر على اعتقاله، منعت من زيارته لفترات وصلت الى اكثر من عام، وتعرض خلال اعتقاله للعزل اكثر من 50 مرة.
إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، تواصل قمع الأسير الشرباتي وعزله ونقلته إلى جهة غير معروفة بعد إحراقه الغرفة في معتقل "هداريم"، قبل أن اعتدت عليه بالضرب والتنكيل، بحسب ما أفادت به هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
ويؤكد علاء الابن الأكبر للأسير الشرباتي، أن لا معلومات لدى العائلة عن مكان تواجد والده، وانه تواصل مع نادي الاسير واللجنة الدولية للصليب الاحمر، لمعرفة مكان أسره، إلا أن الجانبين لم تتوفر لديهما أية معلومات تفيد بمكانه.
الأسير الشرباتي يعرف بين زملائه الأسرى بلقب "المواطن"، وذلك لقربه منهم على اختلاف أحزابهم وتوجهاتهم السياسية، يقول علاء.
"رغم غيابه القسري، إلا أننا نحاول بشتى الطرق ان نبقيه حاضرا بيينا بإشراكه بكل تفاصيل حياتنا صغيرها وكبيرها، حرمنا من والدي في مختلف مراحل عمرنا، لم يشاركنا لحظة نجاحنا أو زواجنا، ولم يتمكن مع وداع والده ووالدته وشقيقه، الذين توفوا خلال سنوات اعتقاله"، يضيف علاء.
وتابع: كما واجه والدي المحتل مرارا، اضطر لمواجهة فقدان أحبابه ممن غيبهم الموت خلال سنوات اعتقاله، وكشكل من اشكال التحدي، كتب والدي قصة "عزاء خلف القضبان" عام 2008، شرح فيها مشاعره لحظة معرفته بوفاة شقيقه، وكيف التف الأسرى حوله لمواساته وتعزيته.
ومما ورد في قصته: "قال أبو حذيفة بحذر وبتردد: اسمع يا مواطن لا أريدك ان تقلق او تذهب بعيدا بكلامي لكن هناك بعض الشباب سمعوا من إحدى المحطات المحلية أن اخوك ذياب أبو خالد قد أصيب بوعكة صحية ثم تداوى قليلا، لكن ان شاء الله سوف تكون الامور بخير، على الفور تسارعت نبضات قلبي واضطربت أنفاسي... فهذه المقدمة توطئة للموت، وبمثل هذه الكلمات تشق الطريق لتمر منها الفاجعة فتتهيأ اجواء السجين لاستقباله".
الأسير الشرباتي اعتقل أكثر من مرة وأمضى عدة سنوات داخل الأسر قبل إعتقاله الأخير بتاريخ 17/3/1998، وتعرض لتحقيق قاس من قبل ضباط "الشاباك" في معتقل المسكوبية.
ــ
أ.أ/ م.ج