الخليل 3-7-2025 وفا– صلاح طميزي
يواصل الاحتلال الإسرائيلي ومستعمروه، منذ عقود، تنفيذ مخططات تهدف إلى تهجير المواطنين الفلسطينيين من مسافر يطا جنوب الخليل، من خلال تصعيد الاعتداءات على التجمعات السكانية والاستيلاء على الأراضي، وهدم المنازل، وفرض واقع استعماري جديد.
وتضم مسافر يطا 23 قرية وخربة، يعيش سكانها تحت تهديد مستمر بالتهجير، نتيجة ممارسات الاحتلال التي أدت إلى السيطرة على أكثر من 90% من أراضيها الرعوية، وهدم عشرات المساكن، وتدمير البنى التحتية الأساسية، في محاولة لإفراغ المنطقة من أهلها لصالح التوسع الاستعماري.
وقال رئيس مجلس قروي مسافر يطا نضال أبو عرام، إن سلطات الاحتلال شرعت منذ ثمانينيات القرن الماضي بتنفيذ خطة "ألون" الاستعمارية، الهادفة إلى إقامة سلسلة مستعمرات متصلة من جنوب غرب مسافر يطا، مرورا بمستعمرات (كرمئيل، وماعون، وسوسيا، وبيت يئير، وصولا إلى متسئير، ونيشر، وأفي جال)، لفرض واقع جغرافي استعماري جديد على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين.
وأضاف أن حكومة الاحتلال شرعنت إنشاء معسكرات تدريب على أراضي المواطنين، ومنعتهم من الوصول إلى أراضيهم بحجة أنها "مناطق خطرة"، ما حرم رعاة الأغنام من المراعي، وأدى إلى تخريب المحاصيل واعتقال المواطنين، والاستيلاء على مركباتهم ووسائل تنقلهم، بما فيها الدواب، في محاولة لإجبارهم على الرحيل قسرا.
وأوضح أبو عرام أن الاحتلال أقام، منذ مطلع عام 2024، ثماني بؤر استعمارية جديدة على التلال والمرتفعات، وأغلق الطرق الزراعية، ومنع الأهالي من استخدامها، ضمن ما يعرف بـ"الاستعمار الرعوي"، الذي يترافق مع تصعيد مباشر في الهجمات على السكان وممتلكاتهم.
وخلال العامين الماضيين، وثق المجلس القروي هدم أكثر من 30 منزلا، و20 حظيرة أغنام، والاستيلاء على 30 خيمة، وتدمير 32 مقطعا من شبكات المياه، وتحطيم 12 وحدة طاقة شمسية، وتسميم وهدم 6 آبار مياه، إضافة إلى السيطرة على 72 بئرا قرب المستعمرات.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال أخطرت 18 منزلا و5 مدارس و3 مساجد و4 عيادات بالهدم، في ظل تصاعد الاستهداف للتجمعات السكانية.
من جانبه، قال رئيس مجلس قروي سوسيا جهاد النواجعة، إن الأهالي شكّلوا لجان حماية محلية لمواجهة اعتداءات المستعمرين، الذين يهاجمون المنازل ويحرقون المحاصيل ليلاً، تحت حماية جنود الاحتلال، الذين ينفذون اعتقالات واسعة عقب الاعتداءات، ويجبرون المعتقلين على توقيع تعهدات وغرامات دون وضوح قانوني.
وأوضح النواجعة أن الممارسات الاستعمارية أدت إلى تراجع الثروة الحيوانية، نتيجة حرمان المزارعين من المراعي، ما دفعهم إلى بيع جزء من ماشيتهم لشراء الأعلاف، في ظل إغلاق 22 طريقا ترابية ورئيسية، وفرض حصار خانق على القرية، بحيث لا يمكن دخولها أو الخروج منها إلا عبر ممرات محدودة يغلقها الاحتلال بشكل متكرر.
بدوره، قال مدير عام التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داوود، إن اعتداءات المستعمرين ارتفعت بوتيرة غير مسبوقة في مسافر يطا، بدعم مباشر من حكومة الاحتلال واليمين المتطرف.
وأضاف أن الهيئة وثقت خلال عام 2024 أكثر من 3000 اعتداء، شملت إطلاق نار وضرب مباشر، أسفرت عن استشهاد 22 مواطنا، وإحراق 450 منزلا ومنشأة، إلى جانب تهجير تجمعات سكانية قسرا.
ويروي المواطن خضر النواجعة من قرية سوسيا، أن المستعمرين أحرقوا محاصيله وخربوا 12 دونما من أراضيه المزروعة، مشددا على تمسكه بأرضه التي ولد وترعرع فيها، رغم الاعتداءات المتكررة.
وقالت زوجته فاطمة، إنهم باتوا يعيشون في رعب دائم، خوفا من الهجمات الليلية، مشيرة إلى أن أطفالها يعانون نفسيا بعد حرق منزل جارهم ناصر شريتح، ومنع طواقم الإطفاء من الوصول لإخماد الحريق، لولا تدخل لجان الحماية.
أما المواطنة ربيحة النواجعة، فأصيبت بجروح بالغة في الكلى والكبد بعد رشق منزلها بالحجارة من قبل المستعمرين، ونقلت للمستشفى بعد تأخير طويل بسبب منع طواقم الإسعاف من الدخول، وتعرض زوجها عنمران إسماعيل لاعتداء سابق أدى إلى إصابته بجروح ونزيف في الرأس.
من جهتها، أوضحت المحامية قمر مشرقي من مؤسسة "حقل"، أن سلطات الاحتلال تستغل قرارات ما يسمى "لجنة التخطيط" التابعة لها لتبرير عمليات الهدم بحجة "تنظيم البناء"، فيما تماطل في تنفيذ قرارات صادرة عن المحاكم لصالح الأهالي.
وأشارت إلى أن الاعتداءات تضاعفت خلال العامين الماضيين نتيجة الدعم الحكومي للمستعمرين وشرعنة البؤر الاستعمارية، داعية إلى متابعة الانتهاكات قانونيا، لضمان حق المواطنين بالعيش بحرية وكرامة على أراضيهم.
ـــــــــ
ص.ط/ م.ع