أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 08/06/2025 07:57 م

"أضحى" المجاعة في غزة

 

غزة 8-6-2025 وفا- حسين نظير السنوار

مرّ عيد الأضحى في قطاع غزة هذا العام بصمت ثقيل، بلا أضاحي ولا طقوس، ولا أي ملامح للعيد الذي اعتاد المواطنون انتظاره ليكسروا به جمود الحصار وقسوة الحياة، فبدلا من الأضاحي، امتزجت دماء المواطنين في الشوارع والمخيمات، وبات المشهد الوحيد الذي يتقاسمه الناس هو الحرب بكل قسوتها، إلى جانب الجوع والخوف.

انعدمت مظاهر العيد كليا، لا زيارات، لا حلوى، لا ضيافة، ولا حتى سلام عابر بين الأهل. آلاف العائلات باتت بلا مأوى، علاوة على نحو مليوني مواطن محرومون من الحد الأدنى من مقومات الحياة، بعدما التهمت آلة الاحتلال الحربية كل شيء، ولم تبقِ من العيد سوى اسمه.

يقول المواطن فايز زقوت: "أصبحنا لا نميز بين الأيام، لم نعد نعرف متى جاء العيد أو متى انقضى، كل همنا أن تتوقف المجاعة والمجزرة التي يفرضها الاحتلال". ويضيف: "كنا ننتظر موسم الأضحى من العام للعام لنشتري الأضاحي ونشحذ السكاكين، أما الآن فلم يُذبح شيء، لا في هذا الموسم ولا سابقه. الحرب حرمتنا حتى من طقوس ديننا".

ارتفاع أسعار المواد الغذائية – إن وُجدت – جعل الضيافة مستحيلة، يقول زقوت: "لا يوجد حتى ما نقدمه للضيف، لا سكر، لا شاي، ولا قهوة. كيلو السكر بـ300 شيقل، وربع كيلو القهوة بـ250 شيقل".

أما عيسى أبو موسى، يؤكد أن الحصار وقصف الحظائر ومزارع المواشي والدواجن، حرم الغزيين من أكل اللحوم والبيض والحليب. وأضاف: "حتى اللحوم المجمدة لم تعد تدخل القطاع منذ شهور، بسبب قصف المخازن وقطع الكهرباء، لم يتبقَّ شيء".

ويتابع: "الاحتلال منع أهل غزة من الحج للعام الثاني على التوالي، الحسرة تسكن القلوب، والشوق لأداء الفريضة يزداد كل عام".

من جهته، يقول المواطن رامز حمدان: "أصبحنا نشتهي وجبة فيها القليل من الدسم... أكلنا المعلبات والبقوليات حتى صارت أجسادنا نحيلة ضعيفة، وعلامات الجوع واضحة على الجميع".

يضيف: "غزة اعتادت أن يكون الأضحى موعدا لذبح الأضاحي وتناول اللحوم، لكن منذ عامين لم تُذبح أضحية واحدة، والفقر ينهش أجساد مليوني إنسان".

ويتابع بصوت مكلوم: "الثلاجات في غزة كلها فارغة، لا تحفظ شيئا سوى أجساد الشهداء. المجاعة سبقت الموت في خطف أرواحهم. في كل بيت قصة، وفي كل ثلاجة وجع".

ويأمل حمدان أن تنتهي الحرب قريبًا، وأن تُفتح المعابر وتبدأ المساعدات بالتدفق، لكنه يشير إلى أن الاحتلال يجبر المواطنين على التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات جنوب القطاع، ثم يطلق النار عليهم ويمنعهم من الوصول إلى الطعام.

وفي السياق ذاته، حذرت الأمم المتحدة من خطورة إجبار المدنيين على تعريض حياتهم للخطر بحثًا عن الطعام، مؤكدة استعدادها لتقديم المساعدات الإنسانية أينما توفرت سبل الوصول.

وقالت منظمة العفو الدولية إن قوات الاحتلال أطلقت النار على جائعين قرب مراكز توزيع المساعدات، وهو ما يشكّل "حدثًا مروعًا" يستدعي تحقيقًا فوريًا، مطالبة بتوزيع المساعدات بطرق تحترم كرامة الإنسان.

وشددت المنظمة على أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، ملزمة بضمان الإمدادات الأساسية للسكان، متهمة المجتمع الدولي بأنه سمح باستمرار الكارثة في غزة لفترة طويلة، داعية لوقف تسليح إسرائيل والضغط لرفع الحصار.

وأكد مدير شؤون الأونروا سام روز أن "طرق التوزيع الحالية لا تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة"، مشيرًا إلى أن الإمدادات جاهزة، لكن ما يلزم هو الوصول الآمن والسريع للمتضررين.

ووفق الأمم المتحدة، فإن إسرائيل تمارس "تجويعًا متعمدًا" يمهّد للتهجير القسري عبر إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، لا سيما المواد الغذائية.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن الوضع في غزة "يخرج عن السيطرة"، وأن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لإيصال المساعدات بشكل آمن.

وتواصل قوات الاحتلال حربها على قطاع غزة منذ عشرين شهرًا، مرّت خلالها أربعة أعياد، خلّفت أكثر من 54,880 شهيدا و126,227 مصابًا، إضافة إلى تدمير شامل للبنى التحتية والمنازل، في واحدة من أفظع الكوارث الإنسانية المعاصرة.

ــــــ

/م.ع

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا