حول "الصهيونية المسيحية وأبعادها الفكرية في الدول الإسكندنافية"
كوبنهاغن 29-5-2025 وفا- أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين رمزي خوري، إن "ما يجري في قطاع غزة يتجاوز حدود اللغة والخيال، حيث يدفن الأطفال تحت الأنقاض، وتحرق البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وتخنق الحياة تحت وطأة الجوع".
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الدولي، الذي عقدته اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، وجامعة دار الكلمة، لمدة يومين، بالتعاون مع جامعة آرهوس في الدنمارك، وبتنسيق كل من السفيرين أميرة حنانيا ومناويل حساسيان، ورئيس الجامعة القس الدكتور متري الراهب.
ونقل خوري تحيات الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، المسيحيين والمسلمين، "الذين يرون في هذا اللقاء صوتاً ممتداً لكرامتهم ونافذة أمل في زمن الحصار".
وأشار إلى أن المؤتمر، الذي جمع الحضور حول فلسطين لمناقشة اللاهوتية حول الصهيونية المسيحية والقومية العربية، يجب أن يقود إلى قول الحقيقة كاملة في مواجهة مشاريع سياسية تستمد سطوتها من تحالف خطير بين الاستعمار الحديث وقراءة دينية محرّفة، تحول الإيمان إلى سلاح يشهر في وجه الضحية، كونها تيار أيديولوجي مسيّس يستند إلى تفسيرات دينية تمنح الاحتلال غطاءً لاهوتياً وتقصي الآخر باسم الله.
كما طالب الكنائس في الغرب بالعودة إلى الواجب الأخلاقي لرفع الصوت والعودة إلى جوهر رسالتها الإنسانية المقرونة بالرحمة وقول الحق، لأن الصمت هو تواطؤ ومشاركة بالجريمة.
وأكد رفضه للظلم وإدانته لاستغلال الدين لتبرير القمع والتخاذل، وحيّا المواقف التي أعادت الضمير الإنساني كعلامة أخلاقية تذكّر بأن العدالة لا تزال ممكنة، وأن السياسة قد تتحرر من أسر المصلحة إلى أفق الضمير، كما فعلت مملكة السويد التي كانت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، تبعتها النرويج حتى بلغ عدد الدول التي اعترفت بفلسطين 149 دولة.
وناشد الكنائس "مراجعة قراءتها للنصوص المقدسة بعيداً عن التحولات السياسية، وأن تتموضع مجدداً إلى جانب الشعوب المقهورة لا إلى جانب النفوذ والمال في ظل تشريع القتل، لكي يصبح الموقف اللاهوتي فعلاً مقاوماً لإنقاذ الإنسانية من الصمت الذي يشل الضمير".
في سياق متصل، تحدث سفير دولة فلسطين لدى مملكة الدنمارك مانويل حساسيان، عن طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مستعرضاً الحقائق التاريخية المرتبطة بالصراع.
وأضاف حساسيان أن الدول التي تدعم دولة الاحتلال، سلوكها يتناقض مع القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
من جانبها، تحدثت السفيرة أميرة حنانيا عن الوضع الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني يعاني اليوم من أبشع الفظائع، مشيرة إلى حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعمليات التطهير العرقي والفصل العنصري وعنف المستعمرين في الضفة بما فيها القدس.
وشددت حنانيا على أن القضية الفلسطينية لم تبدأ في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بل منذ أكثر من 77 عاماً مع النكبة.
وأكدت أن المسيحيين الفلسطينيين، يتعرضون لتهديد منهجي أدى إلى تناقص أعدادهم حتى وصلوا إلى أقل من 1%، نتيجة سياسات عنصرية تهدف إلى إنهاء الوجود المسيحي الفلسطيني الأصيل، مع الإشارة إلى محاولة إسرائيل تصوير الصراع على أنه ديني.
بدوره، تحدث مسؤول شؤون القدس في الديوان الملكي في المملكة الأردنية الهاشمية، وصفي الكيلاني، عن الانتهاكات اليومية الإسرائيلية للأماكن المقدسة، مشيراً إلى الوصاية الأردنية عليها، وقلقه من محاولات إسرائيل لخلق واقع جديد يتحدى هذه الوصاية، بما قد يؤدي إلى العبث في كنيسة القيامة، خاصة عبر اعتداءات المستعمرين على الأماكن المسيحية المقدسة.
من جهته، استعرض رئيس جامعة دار الكلمة القس الدكتور متري الراهب، موقف الحركة الصهيونية المسيحية وأبعادها السياسية والدينية واللاهوتية، مشدداً على أهمية خلق وعي أوروبي بين الكنائس حول خطورة هذه السياسات التي تستهدف السيطرة على المقدسات الدينية، خاصة كنيسة القيامة.
وأكد أن ناقوس الخطر قد دق لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة هذه الحركة وخطورتها على الأماكن المقدسة.
وشارك في المؤتمر، عدد كبير من الأكاديميين ورجال الدين المسيحيين من الدول الاسكندنافية: الدنمارك والنرويج وفنلندا والسويد، الذين قدموا أوراقا بحثية عرضت وناقشت في اليوم الأول ضمن جلسة مغلقة تناولت "علم اللاهوت لمكافحة الفكر الصهيوني المسيحي العنصري المتطرف".
وناقش المشاركون، أبعاد الصهيونية المسيحية الفكرية والسياسية في الدول الإسكندنافية، بهدف إرساء قواعد للتعامل مع الأفكار المتطرفة التي غرست في المجتمعات الأوروبية الغربية، وسخرت النصوص التوراتية لصالحها، والتي تتناقض مع جوهر المسيحية السمحة.
وخرج المؤتمر بعدة توصيات أهمها، ضرورة وضع استراتيجية للتحرك لمناهضة الصهيونية المسيحية في أوروبا وأنحاء العالم كافة، وترسيخ دور الكنائس والجامعات والمجتمعات المدنية في التصدي للفكر المتطرف الذي يستخدم الدين كغطاء للسياسات الاستعمارية، وتعزيز التعاون بين الدول الإسكندنافية وغيرها من الدول الأوروبية لرفع الوعي حول مخاطر الصهيونية المسيحية، ودعم المبادرات الأكاديمية والدينية التي تهدف إلى كشف وتفنيد الخطابات التوراتية المحرّفة، وتأكيد أهمية الوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة. كما أوصى بضرورة تشكيل وفد رفيع المستوى من مختلف كنائس العالم لزيارة تضامنية إلى فلسطين، للاطلاع عن كثب على الواقع الميداني، ودعم الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات التي يعيشها، وتعزيز التضامن الدولي على أساس القيم الإنسانية والمسيحية.
ــــ
ع.ف