رام الله 25-8-2025 وفا- أوصى متحدثون في ورشة عمل، بضرورة تعزيز التنسيق والتكاملية بين الشركاء الوطنيين لتحسين منظومة حماية النساء من العنف، بما يشمل إطلاق دليل اجراءات موحد لتنسيق العمليات بين مقدمي الخدمات ضمن نظام التحويل الوطني، وإعداد الجيل الثالث من أجندة المرأة والأمن والسلام 1325، وإطلاق وتشغيل المرصد الوطني.
وأكد المتحدثون خلال ورشة العمل نظمتها وزارة شؤون المرأة، اليوم الاثنين، بمدينة رام الله، حول تعزيز أوجه العمل القطاعي وعبر القطاعي في مناهضة العنف ضد المرأة، على الجهود المستمرة لتعزيز فعالية اللجنة الوطنية لمناهضة العنف واللجنة الوطنية العليا لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325، وحوكمة آليات العمـل.
وتستند تلك اللجنة في عملها إلى ثلاثة ركائز مترابطة، وهي الرؤية الوطنية لنظام التحويل الموحد الذي يضمن وجود مسار واضح، عادل، وموحد للتعامل مع قضايا العنف ضد النساء، والتي تشمل الصحة، والخدمات الاجتماعية، والشرطة، والقضاء، ويتم خلالها ضمان تحويل الحالات المعنفة بين تلك الجهات ، وثانيا المرصد الوطني للعنف الذي يتم مراجعته وإطلاقه بآلية عمل جديدة، أما الركيزة الثالثة فتشمل إعداد الجيل الثالث من قرار مجلس الأمن 1325 الصادر في العام 2000، والتي تبرز أهميته مع انتهاء العمل بالخطة الوطنية الأولى (2017-2019)، والخطة الثانية (2020-2023)، وبدء التحضيرات لإعداد الخطة الوطنية الثالثة.
في هذا السياق، قالت وزيرة شؤون المرأة منى الخليلي، إن هذه الورشة تأتي في توقيت دقيق، مع استمرار العدوان الإسرائيلي والاستيطاني، ومع تفاقم حرب الإبادة والتجويع ضد شعبنا، حيث تواجه النساء عنفا مركبا ستبقى آثاره مستمرة لسنوات قادمة وستنعكس على حياة النساء في جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والصحية.
وأوضحت أن الوزارة تعمل مع شركائها على بلورة وثائق استراتيجية أساسية، كدليل الإجراءات الموحد لنظام التحويل للمعنفات، والمرصد الوطني للعنف، وخطة الجيل الثالث لقرار مجلس الأمن 1325، وهي وثائق ليست معزولة عن بعضها، بل هي مكونات مترابطة تشكل البنية التحتية لمنظومة الحماية الوطنية للمرأة الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب توحيد الجهود وتكامل الأدوار، ومن هنا جاء التوجه لتفعيل اللجنة الوطنية العليا لمناهضة العنف ضد المرأة، برئاسة الوزارة، باعتبارها الإطار الجامع الذي ينسق بين كل الأطراف.
ووجهت الخليلي رسالة الى المجتمع الدولي بأن تنفيذ الخطط الوطنية يتطلب توفير تمويل مستدام ومرن، يمكن دولة فلسطين من بناء أنظمة حماية وطنية قادرة على الاستجابة للتحديات المتفاقمة.
بدوره، قال وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي محمود عطايا: إن تمكين المرأة اقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا، أحد أولويات عمل الحكومة، وفي إطار ذلك صادقت الحكومة على الخطة الاستراتيجية لتعزيز المساواة، وتمكين المرأة للأعوام (2025-2027)، حيث عملت الوزارة مع كافة الشركاء من أجل دمج قضايا المرأة في عملية التخطيط الدولي، وما عملت عليه بدعم من "الأسكوا" يرتبط بشكل وثيق بالخطة الاستراتيجية، وهذا ما يوثق جهود الوزارة من أجل تعزيز مشاركة المرأة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية.
من جانبها، قالت مديرة مركز المرأة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، ندى دروزة، إن الآليات الثلاث لا تعمل في جزر منفصلة بل تكمل بعضها البعض بشكل واضح، فالمرصد الوطني للعنف ضد النساء والفتيات ليس مجرد أداة إحصائية، بل هو مساحة وطنية للمساءلة، ومصدر للمعرفة المتجددة حول أشكال العنف التي تتعرض لها النساء في سياق معقد ومتعدد الأبعاد، وفوق كل ذلك، تواجه النساء عنفاً ممنهجاً ناتجاً عن الاحتلال، الأمر الذي يجعل من فلسطين حالة فريدة، حيث تتقاطع أشكال العنف وتتضاعف آثارها، وتحتاج بالتالي إلى أدوات متكاملة قادرة على رصد هذا الواقع والاستجابة له.
وشددت على أننا نحتاج الى إطار وطني شامل يضمن استدامة هذا العمل، ويوحد الجهود، وهذا ما توفره الخطة الوطنية الثالثة لتطبيق قرار 1325، فهي ليست مجرد وثيقة سياسات، بل التزام وطني جامع يعكس رؤية فلسطين حول حماية النساء، ومشاركتهن، ومساءلة الاحتلال، وضمان حقوقهن في أوقات النزاع وما بعده.
واشتملت الورشة على خمس جلسات، ناقشت الجلسة الأولى الرؤية التطويرية لعمل اللجنة الوطنية العليا لمناهضة العنف ضد المرأة نحو لجنة أكثر: (حوكمة، وشمولية، تنسيق، كفاءة، واستجابة، واستدامة).
وتطرق المستشار القانوني للوزارة اسماعيل حماد في الجلسة لعمل الخطة على العنف المجتمعي في الفضاءين العام والخاص، وعنف الاحتلال الإسرائيلي متعدد الأبعاد، وقال: إن الالتزامات التي ستدعمها عملية التطوير في آلية العمل تشمل تصميم برامج وخطط فعالة تفي بالالتزامات وتلبي الاحتياج، وتحسين الأداء من خلال دعم عمليات المتابعة والتقييم الفعالة، وتعزيز الشراكات والتنسيق على الصعيدين المحلي والدولي، الى جانب المزيد من الحوكمة والتطوير المؤسسي.
وتحدث عن رؤية العمل الشمولية، التي تتضمن تفعيل الدور القيادي للوزارة، وتمكين فئات جديدة من الموظفين، وتعزيز قدراتهم الفنية والقيادية في قضايا مناهضة العنف، واستعادة ثقة الشركاء والجمهور بالآلية، وتعزيز التنسيق الداخلي لضمان دعم فعال للجنة الوطنية العليا وملفاتها، مشدداً ضرورة ديمومة الانعقاد والمتابعة، وتحديث نظام العمل الداخلي ووضع خطة عمل، وقرار بتحديث وتثبيت العضوية.
أما الجلسة الثانية التي كانت بعنوان الترابط بين الثلاث آليات تحت مظلة اللجنة الوطنية العليا لمناهضة العنف، فقال مستشار الوزيرة للعلاقات الخارجية حنا نخلة: إن الإبادة الجماعية والعدوان الاخير أفرز أنماطا معقدة من العنف تحتاج إلى رصد دقيق وفوري، إلى جانب الحاجة لبيانات آنية لدعم خطط الإغاثة وإعادة الاعمار، خاصة حول النساء النازحات قسرا، والمحرومات من الخدمات، لكن رغم ذلك هناك تغيرات طرأت مؤخرا تتعلق بتأثير الإجراءات دوليا، كدعم مذكرات فلسطين أمام الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الانسان، والجنائية الدولية بأدلة موثقة.
ولفت إلى أن قرار 1325 شكل خطوة مهمة في مسار إدماج قضايا المرأة والسلام والأمن، ضمن الأولويات الوطنية، وقد تميزت بكونها ثمرة عملية تشاركية بين عدد من الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني.
وتطرق إلى الدليل الاجرائي الموحد للتعامل مع الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يقدم إطارا شاملا وموحدا لمقدمي الخدمات في مختلف القطاعات للتعامل مع حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي في فلسطين، مرتكزا على مبادئ احترام حقوق الإنسان وضمان تمكين الناجيات وكرامتهن وسالمتهن.
وأوصى بتبنّي توجه استراتيجي ثلاثي الأبعاد عند إعداد الخطة الفلسطينية الوطنية الثالثة لتنفيذ القرار 1325 بما يشمل انطلاق الخطة من الواقع المحلي وتلبية الاحتياجات الحقيقية للنساء والفتيات، مع مراعاة الخصوصيات الجغرافية، والاجتماعية، والسياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، ووضع خطة قابلة للتنفيذ تطرح حلولا مرنة ومتجددة لتعزيز، وضمان البناء واستثمار القدرات المؤسسة بشكل أفضل، مع مراعاة القدرات والموارد المتاحة.
كما تناولت الجلسة الثالثة المرصد ودليل الاجراءات الموحدة بما ينسجم مع خصوصية قطاع غزة بظل استمرار العدوان وجريمة الابادة الجماعية وانعكاس ذلك على مقدمي الخدمات، فيما تطرقت الجلسة الرابعة لرؤية تنفيذ الجيل الثالث من قرار مجلس الأمن 1325 وخصوصا الحماية، وجهود الاغاثة والتعافي والاعمار.
أما الجلسة الخامسة فكانت بعنوان "مجموعات مركزة: التحديات والفرص في ظل تداعيات جرائم الإبادة بحق النساء والفتيات، ومقترحات لتطوير مسارات العمل".
ــــــــ
م.ر/ م.ل