نيويورك 18-9-2025 وفا- استخدمت الولايات المتحدة الأميركية حق النقض (الفيتو)، مساء اليوم الخميس (بتوقيت القدس المحتلة) ضد مشروع قرار قدمته الدول العشرة غير دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة.
ويطالب مشروع القرار مجلس الأمن بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة، تحترمه جميع الأطراف، وحكومة إسرائيل بأن ترفع فورا ودون شروط جميع القيود المفروضة على دخول المعونة الإنسانية إلى غزة وتضمن توزيعها -بشكل آمن ودون عوائق- على السكان المحتاجين لهذه المساعدة، ولا سيما من قِبل الأمم المتحدة والشركاء في مجال العمل الإنساني.
وينص مشروع القرار على ضرورة حدوث ذلك على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني ومبادئ العمل الإنساني المتمثلة في الإنسانية والحياد وعدم التحيز والاستقلالية. وطالب بأن تضمن إسرائيل أيضا الاستعادة الكاملة لجميع الخدمات الأساسية.
قدمت مشروع القرار الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن وهي: باكستان، بنما، الجزائر، جمهورية كوريا، الدنمارك، سلوفينيا، سيراليون، الصومال، غيانا، واليونان.
واستخدمت الولايات المتحدة الأميركية (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي أيده 14 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر.
وقالت المندوبة الدائمة للدنمارك كريستينا لاسن التي تحدثت بالنيابة عن الدول التي تقدمت بمشروع القرار، "إننا نمثل إرادة وتوقعات أعضاء الجمعية العامة الذين انتخبونا"، داعية أعضاء مجلس الأمن للتصويت لصالح القرار والتمسك بمسؤولية المجلس وصون السلم والأمن الدوليين.
وقالت إن الوضع الكارثي في غزة هو ما يدفعنا للتحرك اليوم.
أما الممثل الدائم لجمهورية كوريا لدى الأمم المتحدة، الذي يرأس مجلس الأمن خلال الشهر الحالي، فأشار إلى أن هذا الاجتماع يحمل رقم 10,000 في تاريخ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقال إن الاجتماع يتزامن مع الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة وعشية انطلاق الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة. ودعا إلى وضع ذلك الأمر بعين الاعتبار في السعي لتنفيذ مهام المجلس.
بدوره، قال مندوب الصومال إن الوضع في غزة طارئ ويتطلب اهتماما فوريا. وأشار إلى توسيع العدوان في القطاع وانتشار المجاعة.
وقال: "العالم يتطلع إلى مجلس الأمن ليتخذ إجراء، لكننا اليوم فشلنا في اعتماد قرار يضمن الحقوق الأساسية لسكان غزة". ووصف عدم اعتماد القرار بأنه فشل أخلاقي ذريع.
وشكر جميع الدول التي صوتت لصالح مشروع القرار. وقال لبقية الدول غير دائمة العضوية في المجلس -التي قدمت مشروع القرار- إن العمل أبعد ما يكون عن الانتهاء، مؤكدا استمرار العمل من أجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتعزيز السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.
من جهته، بدأ مندوب الجزائر الدائم عمار بن جامع بدأ كلمته بالاعتذار لشعب فلسطين، وخاصة في غزة.
وقال: "سامحونا. لأن هذا المجلس لم يستطع إنقاذ أطفالكم، حيث قتلت إسرائيل أكثر من 18,000 منهم. سامحونا لأن هذا المجلس لم يستطع حماية نسائكم، حيث قتلت إسرائيل أكثر من 12,000 منهن. سامحونا لأن هذا المجلس لم يستطع حماية شيوخكم حيث قتلت إسرائيل أكثر من 4000 منهم".
وقال بن جامع: "لقد فشل هذا المجلس مرتين بالفعل في منع الإبادة الجماعية. ويبدو أننا اليوم على وشك أن نشهد فشلا ثالثا"، مضيفا أنه "على كل منا الاختيار إما التحرك لوقف الإبادة الجماعية أو أن يحسب ضمن المتواطئين".
وأضاف أن فشل المجلس هو ندبة في ضمير الإنسانية، مؤكدا أنهم لن يستسلموا، ولن يكون هذا التحرك الأخير.
أما الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة غيروم بونافونت فأوضح أن مشروع القرار ركز على القضايا الإنسانية وكرر ثلاثة مطالب مهمة، مشددا على أن بلاده "تدين بشدة تمديد وتكثيف الهجوم الإسرائيلي على قلب مدينة غزة".
وقال إن فرنسا تدعو إسرائيل إلى "إنهاء هذه الحملة المدمرة، التي لم يعد لها أي منطق عسكري، واستئناف المفاوضات في أسرع وقت ممكن بهدف وقف إطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن".
وحذر من أن "تجويع السكان جريمة"، مؤكدا دعم بلاده الكامل للجهات الإنسانية الفاعلة التي تواصل القيام بعملها مجازفة بحياتها، ولوكالات الأمم المتحدة وشركائها.
وأكد أن فرنسا ستواصل الحشد من خلال الرئاسة المشتركة مع المملكة العربية السعودية لمؤتمر تنفيذ حل الدولتين في 22 أيلول/سبتمبر.
من جهتها، قالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد إن بلادها صوتت لصالح مشروع القرار للمطالبة بتحرك عاجل لمعالجة الوضع الإنساني المروع في غزة، وإعادة الرهائن إلى ديارهم، وإنهاء الصراع.
وأضافت أن الحاجة إلى وقف إطلاق النار باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى، "ومع ذلك، فإن توسيع إسرائيل المتهور لعمليتها العسكرية يبعدنا أكثر عن التوصل إلى صفقة يمكن أن تعيد الرهائن إلى ديارهم وتنهي المعاناة في غزة".
وحثت الحكومة الإسرائيلية على إنهاء سفك الدماء، وعلى رفع قيودها فورا على دخول المساعدات، والسماح للأمم المتحدة والوكالات الإنسانية بإنقاذ الأرواح.
وأبدت أسفا لعدم تمكن المجلس من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن قرار اليوم، لكنها قالت "نظل ملتزمين بالرؤية التي يحملها هذا النص. وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لإنهاء هذا الصراع، وإعادة الرهائن إلى ديارهم، والعمل مع شركائنا على مسار نحو السلام، لتحقيق إسرائيل آمنة إلى جانب دولة فلسطينية مستقلة".
أما الممثل الدائم لروسيا فاسيلي نيبينزيا فقال: "للأسف اليوم وخلال الاجتماع رقم 10,000 لمجلس الأمن، شهدنا الاستخدام السابع للفيتو من الولايات المتحدة التي عرقلت مرة أخرى اعتماد قرار كان يمكن أن يوقف سفك الدماء".
وأضاف أن التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط لن يشهد تحقيق تقدم، إذا لم تغير الولايات المتحدة العدسة التي تنظر من خلالها إلى الأزمة في غزة، وما دامت الدبلوماسية متعددة الأطراف في الأمم المتحدة "يُنظر إليها هناك" باعتبارها عائقا بدلا من أن تكون أداة مهمة.
وذكر أن مجلس الأمن الدولي سيظل شاهدا على الكارثة وهو "مصاب بالشلل ليس بسبب مشاكل في هيكليته، وإنما بسبب غياب الإرادة من وفد واحد".
ودعا الولايات المتحدة إلى "الإقرار بحقيقة أن ما تصفها بالدبلوماسية الهادئة على الأرض، تُقوض ليس -من قبل الأصوات العاقلة من المجتمع الدولي- ولكن بسبب إجراءات حلفائها الإسرائيليين".
واستذكرت ممثلة غيانا أن المجلس عقد أول اجتماع له بشأن فلسطين في جلسته رقم 226 بتاريخ 9 ديسمبر 1947، ولاحظت أنه: "اليوم، وبعد كل هذه السنوات، وفي الاجتماع رقم 10,000 للمجلس، قرر 14 عضوًا الاستجابة بشكل حاسم لتأكيد حدوث المجاعة في غزة، وتكرار مطالبتنا بوقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن."
وأعربت عن أسفها لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، الذي أفشل هذه الجهود، مشيرة إلى أن "السؤال الذي يؤرق الكثيرين في المجتمع الدولي، بما فيهم كثيرون منا حول هذه الطاولة، هو: ما الذي سيتطلبه الأمر لتحقيق توافق داخل مجلس الأمن كي يتحرك كجسم واحد ويمارس مسؤوليته في حماية الشعب الفلسطيني؟"
وأكدت أنه، وعلى مدى ما يقارب عامين "فإن حجم الفظائع المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني يتحدى كل مبادئ اللياقة والأخلاق والإنسانية."
وأضافت أن الإفلات المستمر من العقاب إزاء هذه الأفعال قد أدى إلى الاستمرار في ارتكاب الإبادة الجماعية. وقالت: "نعم، إبادة جماعية"، مشيرة إلى أن هذا الأمر تم تأكيده مؤخرًا من قبل لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ــــ
ي.ط