غزة 4-10-2025 وفا- حسين نظير السنوار
مع اشتداد الحرب الهمجية الإسرائيلية التي تشن ضد قطاع غزة منذ عامين تعمدت قوات الاحتلال محاربة شعبنا بكافة الوسائل والطرق بما فيها التقنية والفنية، حيث قطعت وقصفت خلال هذه الفترة مقاسم الاتصالات ومحطات الارسال الهوائي إضافة قطعها وقصفها لخطوط الانترنت والخطوط والألياف الضوئية التي تغذي القطاع بالإنترنت والاتصالات في خطوة لمنع وصول جرائمها وعدم متابعتها من قبل العالم ولمنع وصول الصورة والرسالة الحقيقية.
الإعلاميون والمراسلون وناقلوا الرسالة الإعلامية في قطاع غزة يواجهون صعوبات جمة وعقبات كبيرة جدًا في نقل رسالتهم ورفع موادهم الإعلامية والصحفية عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بسبب الانقطاع المتكرر في خدمة الاتصالات والانترنت، وربما يبقى الواحد منهم محاصرًا في مكان خطر ومعزول عن عالمية المحيط به ولا يستطيع إيصال صوته أو رسالته.
عند دخول قوات الاحتلال لمكان ما في القطاع فإنها تتعمد بقطع الخدمات في إصرار على التخريب والدمار دون أن تتكشف حجم ما تقوم به ضد شعبنا وليكون انقطاع الاتصالات والانترنت ذريعة لممارسة أبشع الجرائم بصمت دون أن يراها العالم.
الأسباب الرئيسية للمشاكل في الاتصالات والإنترنت بغزة تعود الاستهداف المتعمد للبنية التحتية، حيث تم تدمير أو إتلاف الكابلات الليفية (فايبر) والشبكات الأساسية نتيجة القصف أو الهجمات الإسرائيلية المتتالية تجاه الخطوط والمغذيات الرئيسة للاتصالات وفي كثير من الحالات تُفقد الشبكة الدولية التي تربط غزة بالعالم الخارجي.
كما أن انقطاع الكهرباء ونقص الوقود أثرا بشكل سلبي وكبير على تشغيل الأبراج والمحطات، حيث انها تتطلّب كهرباء مستمرة أو مولدات، لكن نقص الوقود أو انقطاع الكهرباء يوقف تشغيلها، خاصة أنه عندما لا تكون هناك طاقة مستمرة يصبح من الصعب تشغيل المعدات الشبكية أو إجراء الصيانة لها وبالتالي انقطاع الاتصال والانترنت.
وتشترط قوات الاحتلال موافقتها على عمليات الصيانة والترميم في أبراج الارسال وخطوط الانترنت ويكون ذلك بصعوبة بالغة وربما تمتد لأيام أو أسابيع لصيانة تلك الأعطال وهذا جزء من استراتيجية عزل غزة رقميًا، والأضرار المكثفة وعدم قدرة فرق الصيانة على الوصول في ظل القصف والحصار بسهولة ونقص المواد والمعدات الضرورية يعوق عمليات الإصلاح واستمرار إيصال الخدمة للمواطنين.
تعمل بعض الأبراج في مناطق محدودة جدًا، ولكن الضغط على الشبكة كبير جدًا، ما يسبب ضعفًا في سرعة الخدمة أو انقطاعًا جزئيًا، وانخفاض جودة المكالمات أو انقطاع المكالمات المتكرر، وانقطاع وضعف خدمة الانترنت، حيث أن حوالي 30% فقط من محطات الاتصالات الخلوية نشطة وجودة الخدمة متدنية بسبب الازدحام وازدياد عدد النازحين في بقعة صغيرة ما يؤدي إلى خدمة رديئة ومتدنية مقارنة بالعالم المحيط.
انقطاع الاتصالات والإنترنت يعزل قطاع غزة عن العالم الخارجي، حيث لا يمكن التواصل مع الصحف أو إرسال الأخبار أو المعلومات والتقارير الإخبارية سواءً المصورة أو المكتوبة ويمنع وصول مقاطع الفيديو المتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعي ويمنع وصول صوت وصورة القطاع للعالم حيث يصعّب على الصحفيين توثيق الأحداث ونشرها بسهولة وسلاسة.
وتعتمد المنظمات الإغاثية والطبية في القطاع على الاتصالات لتنسيق العمل فيما بينها، وإرسال الطلبات متابعة الحالات الطارئة وإيصال المعلومات إلى المواطنين، كما يعرقل انقطاع الاتصالات والانترنت هذه العمليات، وفي كثير من الأحيان انقطعت الاتصالات في المستشفيات وغرف الطوارئ والاسعاف الأمر الذي أثر على إنقاذ الجرحى والمصابين وزاد من اعداد الشهداء والوفيات.
تقوم غالبية المؤسسات التعليمية والمدارس والمبادرات على اعتمادها بشكل كبير على الإنترنت للتدريس عن بُعد أو التواصل بين المدرسين والطواقم التعليمية والطلاب وبانقطاع الانترنت يتضرر الطلاب ويحصل لديهم فاقد تعليمي كبير، خاصة أن غالبيتهم لا يمتلكون اصلًا أجهزة حديثة وهواتف وحواسيب لمتابعة التعليم حيث بهذه الخطوة تتعمد إسرائيل فرض سياسة التجهيل لدى أبناء المجتمع الغزي.
كما يؤدي انقطاع الاتصالات والانترنت إلى شلل في السوق المحلية حيث يصعب التداول والبيع والشراء في القطاع بسببه وتتوقف عمليات التحويل البنكي أو الدفع الإلكتروني في ظل شح السيولة النقدية والدفع عبر الكاش.
المواطنون هم أكبر المتأثرين بهذه الانقطاعات، وإذا حدثت هجمات إسرائيلية أو أوامر إخلاء لمنطقة ما في القطاع فإنهم قد لا يتلقّون التنبيهات بسبب انقطاع الاتصالات والانترنت، إضافة إلى أن البعض يُفقد القدرة على طلب الإسعاف أو التواصل مع الطوارئ لعدم وجود شبكات اتصالات سواء أرضية أو خلوية وكذلك لعدم وجود الانترنت الذي أصبح العالم أجمع يعتمد عليه في كافة مناحي الحياة اليومية.
في حزيران/ يونيو من العام الجاري تعرض قطاع غزة لانقطاع شبه كلي في الاتصالات والإنترنت استمر لأيام بعد استهداف الكابلات الرئيسية المغذية للقطاع بالإنترنت، وفي أيلول/ سبتمبر قُطع الإنترنت والمكالمات لعدة ساعات بعد هجمات شنتها قوات الاحتلال ضد مقاسم رئيسية.
ولم تكن هذه الانقطاعات وحدها فمنذ بداية العدوان في 2023 وحتى اليوم، تعرض القطاع لعشرات عمليات انقطاع الاتصالات والانترنت وامتد بعضها لعدة أسابيع وكانت تستهدف عدة مناطق بما فيها القريبة من مراكز المستشفيات والمراكز الإغاثية والدفاع المدني، حيث وثّقت الأمم المتحدة أن انقطاع الشبكة الكامل حصل في عدة مناسبات، مما عطل العمل الإغاثي.
ولمساعدة المواطنين في ظل هذه الانقطاعات، تم تنفيذ عدد من المبادرات، منها eSIM / الاتصال عن بُعد وهي مجموعة تسمى Connecting Humanity توفر شرائح eSIM يمكن تفعيلها للوصول إلى الشبكات خارج غزة، لتجاوز الحصار على البنية التحتية المحلية، ولكن هذه الحلول ليست كاملة لأن بعض الأجهزة لا تدعمها أو التغطية قد لا تكون متوفّرة في كل المناطق وكذلك لا يستطيع السواد الأعظم من المواطنين الحصول عليها لارتفاع سعرها ولعدم دعم أغلبية الأجهزة لمثل هذه الشرائح.
تحاول فرق الصيانة الوصول إلى الكابلات المتضررة وإعادة ربط الشبكات، عندما يُسمَح لها بالدخول من قبل قوات الاحتلال، حيث في أحيان تقوم بتوزيع محطات اتصالات متنقلة (مثل “Car on Wheels” لتعزيز التغطية في مناطق بعيدة.
يشار إلى أن قطاع غزة يعتمد على بنية تحتية مرتبطة إلى حد كبير بمُدخلات خارجية كابلات ألياف ضوئية تمر عبر أراضٍ خاضعة لسيطرة إسرائيل لتوفير الإنترنت والاتصالات، ومنذ اندلاع العدوان قبل عامين، شهد القطاع انقطاعات متعددة في الانترنت والخدمات الهاتفية نتيجة القصف والعمليات العسكرية، حيث يُعدّ عائقًا كبيرًا أمام التنسيق الإنساني والإسعافي.
كما يعاني القطاع من نقص حاد وكبير في الأجهزة الخلوية، والحواسيب وقطع الصيانة الخاصة بها، ويمنع الاحتلال دخولها للقطاع، وادخال البطاريات وألواح الطاقة الشمسية التي تساعد في تشغيل مقاسم الاتصالات والانترنت.
ـــــ
ح.س/ م.ل