رام الله 6-10-2025 وفا- نظمت نقابة الصحفيين الفلسطينيين ومركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، في مقر النقابة بمدينة رام الله ومركز التضامن الإعلامي بخان يونس ودير البلح، ورشة عمل تفاعلية عبر منصة "زووم"، بمشاركة صحفيات وصحفيين فلسطينيين، لمناقشة واقع الإعلام الفلسطيني خلال الحرب على قطاع غزة، وتسليط الضوء على تجارب الميدان، والتحديات، وسبل التعافي من تداعيات أكبر حرب إبادة إعلامية في تاريخ الإنسانية والإعلام.
وجاء اللقاء بعنوان "صحفيات وصحفيون تحت النار: التحدي والتعافي"، لبلورة فهم أعمق لممارسات التغطية الإعلامية خلال ظروف الحرب، واستشراف آليات مستدامة للعمل المشترك والتنسيق بين المؤسسات الإعلامية، في ظل الاستهداف المنهجي للصحفيين والمؤسسات الإعلامية في قطاع غزة.
وافتتح الورشة نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، مشيداً بالدور البطولي الذي يؤديه الصحفيون في تغطية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قائلاً: "الصحفي الفلسطيني اليوم لا يحمل الكاميرا فقط، بل يحمل الحقيقة في مواجهة آلة القتل الإسرائيلية؛ فيدفع ثمن كشف الرواية الإسرائيلية دماً وشهادة".
وأشار أبو بكر إلى أن حصيلة الشهداء الصحفيين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وصلت حتى اللحظة إلى 252 شهيدًا صحفيًا، و500 إصابة، وتدمير 720 منزلاً بالكامل تعود لعاملين في الحقل الإعلامي، مؤكداً أن هذه الجرائم تمثل أكبر حرب إبادة إعلامية في تاريخ الإنسانية والإعلام، وجرائم حرب وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
وبين أن النقابة تواصل تقديم الدعم الممكن للصحفيين، قانونياً ونفسياً وميدانياً، رغم محدودية الموارد، لأن هذه معركة وجود، ومعركة مهنية وأخلاقية.
من جهته، أوضح ممثل مركز تطوير الإعلام، الخبير الإعلامي، عماد الأصفر، أن الورشة تأتي ضمن توجه استراتيجي لخلق فضاءات حوار بين المؤسسات الإعلامية والعاملين في الميدان، وقال: "لا يمكن فصل العمل الإعلامي عن سياقه الوطني والإنساني، ونحن في مركز تطوير الإعلام نؤمن بأهمي بناء منظومة دعم وتنسيق مستدامة تعزز صمود الصحفيين وتطوير مهاراتهم في مواجهة الأزمات".
ودعا الأصفر إلى تحويل هذه اللقاءات التفاعلية إلى أدوات عملية لإعادة تقييم آليات التغطية، وإنتاج محتوى صحفي مهني يواكب تحديات اللحظة ويصمد أمام آلة التضليل.
وخلال كلمته، شدد نائب نقيب الصحفيين تحسين الأسطل، على أن الاحتلال لا يستهدف الصحفيين بالخطأ، بل "يعرف جيداً من يقتل، ويقصف، ويغتال"، مؤكداً أن النقابة وثقت أدلة دامغة على الاستهداف المباشر.
وأضاف الأسطل: "لقد فقدنا خلال هذه الحرب زملاء أعزاء، وواجهنا ظروفاً خارجة عن قدرة الإنسان على التحمل، ورغم ذلك، ظل الصحفي الفلسطيني في الميدان، ينقل الحقيقة، ويقاوم بعدسته وكلمته"، مؤكدًا أن النقابة تبذل كل ما بوسعها لتكون سندًا للصحفيين، وتوفير ما يمكن من حماية ودعم نفسي ومهني لهم".
وقدم عدد من الزملاء الصحفيين في خان يونس ودير البلح ومحافظات الضفة شهادات مؤثرة حول حجم الانتهاكات والجرائم التي يعاشها الصحفيون الفلسطينيون خاصة في زمن الإبادة الإسرائيلية بعد تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وناقش الصحفيون آليات تطوير أدلة السلامة الميدانية، وضرورة دمج التجارب الفلسطينية في المناهج الجامعية. كما ركزت الورشة على الدعم النفسي للصحفيين وتمكينهم بعد الصدمات، وأهمية إيجاد شبكة دعم مهنية واجتماعية متكاملة تضمن استمرارية العمل الصحفي رغم الظروف الميدانية الصعبة.
وأشار المشاركون إلى الدور البارز الذي تؤديه مراكز التضامن الإعلامي في غزة والضفة في توثيق الانتهاكات وتسهيل عمل الطواقم الميدانية، مؤكدين أن الرأي العام العالمي يشهد تحولًا واضحًا لصالح الرواية الفلسطينية، تجلى في مظاهرات عالمية داعمة لحرية الصحافة الفلسطينية، وضاغطة على الحكومات الغربية لوقف استهداف الإعلاميين.
وفي ختام الورشة، أوصى المشاركون بضرورة إعداد دليل فلسطيني محدّث للسلامة المهنية يتناسب مع طبيعة المخاطر الميدانية اليومية، وإنشاء وحدة رصد ميدانية دائمة تابعة للنقابة لمتابعة الاعتداءات فور وقوعها، وتطوير برامج دعم نفسي واجتماعي مستدامة للصحفيين الميدانيين الذين يعيشون ظروفًا قاسية في مناطق النزاع، إلى جانب تكثيف ورش التدريب المشتركة بين النقابة ومركز تطوير الإعلام لتوحيد الإجراءات الوقائية وأدوات الحماية.
وشددت الورشة على ضرورة مطالبة الاتحاد الدولي للصحفيين باتخاذ خطوات قانونية عاجلة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز التعاون مع مراكز التضامن الإعلامي الدولية لتوسيع نطاق الحماية وتوثيق الجرائم ضد الصحفيين الفلسطينيين.
وأكد الحضور أن هذه التوصيات تمثل خطة ميدانية وأكاديمية لبناء منظومة حماية شاملة تليق بتضحيات الصحفيين الفلسطينيين الذين شكّلوا مدرسة عالمية في الميدان.
ــــ
ي.ط