رام الله 7-12-2025 وفا- رامي سمارة
استفاقت فضة محمد نعسان (58 عاما)، عند الواحدة فجرا، على صوت صراخ إحدى المتضامنات الأجنبيات اللواتي يقمن في الغرفة المجاورة، لمنزلها في منطقة الخلايل بقرية المغير، شرق رام الله
همت فضة بالخروج من حجرتها لاستيضاح ما يجري، ولما فتحت الباب، شاهدت اثنتين من المتضامنات يجري سحلهما، ثم هاجمها عدد من المستعمرين، كان أحدهم يحمل حجرا ضربها به على جبينها، وسقطت مغشيا عليها.
وعندما بدأت تستجمع قواها وحاولت النهوض، أبرحها المستعمرون ضربا بالعصي وطرحوها أرضا، وقبل أن يغادروا أمهلوها وأسرتها يومين للرحيل على وقع تهديد: "اليوم خرجتهم أحياء، ولكن في المرة القادمة لن تكتب لكم النجاة".
كانت فضة تتوقع مصيرا أكثر سوداوية حتى قبل أن يحين موعد الهجوم التالي، خاصة أنها وقعت ضحية لخمسة مستوطنين كانوا ضمن مجموعة أكبر اقتحمت المنزل، وقالت: "عددهم كان يوحي بأن أحدا منا لن يبقى على قيد الحياة، ولكن الحمد لله اقتصر الأمر على الضرب بالحجارة والعصي".
أصيبت فضة جراء هذا الاعتداء بجرح سطحي في جبينها وكدمات في جسدها، أما حفيدها رزق همام أبو نعيم (13 عاما) فشج رأسه بعد ضربه بكشاف كان أحد المستوطنين يحمله خلال الهجوم.
يروي رزق أنه استيقظ ليلا على صوت ألم وفتح عينيه على مشهد دم. جدته ملقاة على الأرض ومتضامنة تصرخ وهي تمسك ذراعها النازفة.
ومن هول المشهد، وقف رزق على السرير، فهمّ مستعمر بالهجوم عليه لضربه، وتدخلت إحدى المتضامنات للدفاع عنه، ولما ظن أنهم غادروا المنزل خرج مسرعا لطلب النجدة من والده، اعترضه مستوطن وضربه بالكشاف على رأسه.
لم تختبر عائلة أبو نعيم هجوما بهذه الوحشية وبهدف واضح لا لبس فيه، رغم أن أفرادا منها وقعوا ضحية لاعتداءين بالضرب في السابق، فيما المستعمرون يشنون اعتداءات شبه يومية على مدار العامين الأخيرين، إن كان بالتواجد في محيط المنزل أو عبر تخريب الممتلكات وإفساد المزروعات.
تقول فضة: "هذه المرة اقتحموا البيت واعتدوا علينا جسديا، ظنا منهم أن الدم النازف منا سيزرع فينا الخوف ويدفعنا للرحيل خلال يومين".
ويؤكد نائب رئيس مجلس قروي المغير مرزوق أبو نعيم، ضرورة التعامل مع التهديد الذي تلقته عائلة شقيقه بشكل جدي، خاصة أنه حدد بسقف زمني وتم بعلم جيش الاحتلال، ومن أطلقته مجموعة جديدة من المستعمرين.
وأوضح أن من شنوا الهجوم غريبون، وليسوا من الفئة التي تنفذ الهجمات الشبه يومية، ويعتقد أنهم تجمعوا من أكثر من بؤرة في محيط القرية.
ويشير إلى أن الهجوم نفذ في أعقاب استطلاع قامت به طائرة مسيرة مشطت المنطقة من الجو لعدة ساعات، وخلاله كان جيش الاحتلال ينصب حاجزا على الطريق المؤدي لـ"الخلايل"، لمنع وصول أهالي القرية للتصدي للاعتداء ومنح المستوطنين الوقت الكافي لإنجاز المهمة.
وأكد أبو نعيم أن التعامل بجدية مع هذا التهديد لا يعني التسليم له، إذ إن رحيل أسرة شقيقه ستمكن المستوطنين من السيطرة على أكثر من 2000 دونم.
وأكد ضرورة أن التواجد في "الخلايل" لمساندة أسرة رزق أبو نعيم وتعزيز صمودها وعدم تركها تواجه مصيرها وحدها، وإلا سيجد أهالي المغير المستعمرين في محيط منازلهم بعد أن يتمكنوا من الاستيلاء على المنطقة.
وأشار نائب رئيس مجلس قروي المغير إلى أن الصمود لن يعود بفائدة فردية على أسرة أبو نعيم التي لا تملك سوى نحو دونمين من مساحة المنطقة، ولكن هي بمثابة سد يمنع انتشار الاستيطان، وثباتها في وجه الهجمات يحول دون تمكن المستعمرين من الاستيلاء على المساحات التي تفصل "الخلايل" عن مناطق البناء في القرية.
وقال مدير عام دائرة العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة، إن ما قامت به ميليشيات المستعمرين بالاعتداء على عائلة أبو نعيم وتهديدهم بالموت إذا لم يختاروا الرحيل؛ استخدمت في تهجير ما يقارب 40 تجمعا بدويا في الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين.
وأكد أبو رحمة أن المستعمرين يمارسون ما هدد به زعيمهم الوزير المتطرف في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريش، الذي قال إن الفلسطيني عليه أن يرحل أو يموت أو أن يكون خادما.
ـــــــــ
ر.س/ ف.ع


