الأغوار 15-10-2025 وفا- الحارث الحصني
قبل أن ترتفع شمس نهار يوم خريفي على قرية بردلة بالأغوار الشمالية، كان سلطان صوافطة قد استوعب حجم الكارثة التي حلّت بكرم الزيتون الخاص به المزروع على بعد عشرة كيلومترات غربي القرية.
فبعد جهد حثيث، وتنسيق أخذ من الوقت أياما، استطاعت عائلة صوافطة الوصول إلى حقل الزيتون الخاص بها في سهل قاعون غرب القرية الزراعية، للبدء بقطف ثمارها والاستفادة من زيتها.
لكن عندما وصلت العائلة إلى حقل الزيتون لم تجد ثمارا. قال صوافطة: "لقد سرق المستعمرون كل الثمار".
في المنطقة ذاتها، أقام مستعمرون قبل عام ونصف عام بؤرة استعمارية جديدة، صُنفت من البؤر الرعوية المنتشرة في الأغوار الشمالية، من خلالها استولوا على مساحات كبيرة من الأراضي الرعوية، واعتدوا على ممتلكات المواطنين.
وخلال تلك المدة، سُجلت العديد من الاعتداءات الكبيرة ضد ممتلكات المواطنين، كإحراق الخيام وحظائر الماشية وسرقتها، وتدمير المحاصيل المروية، وتحطيم أشجار الزيتون، وسرقة الثمار. كان هذا إرهابا تحدث تفاصيله في منطقة لم تطأها قدم العائلة منذ عام.
على أرض مساحتها خمسة دونمات مسجلة بالأوراق الثبوتية "الطابو"، كانت تظهر عشرات أشجار الزيتون التي زرعتها العائلة قبل عشر سنوات بشكل منظم، تبدو عليها علامات الرتابة والاهتمام. وكرم الزيتون هذا من الأمور المهمة عند العائلة.
يقول محمد صوافطة، أحد أبناء سلطان: "كان نتاج الزيت مصدر رزق أساسيا لوالدي".
تشير الأرقام الرسمية الصادرة عن المجلس القروي في بردلة، إلى أن المستعمرين اعتدوا على 198 شجرة زيتون، تتراوح أعمارها بين 13-20 عاما، ودمروا سياجا شوكيا لمساحة 35 دونما، إضافة إلى تدمير خطوط ناقلة للمياه كانت تُستخدم في ري الزيتون.
بالتحديد لم يُعرف متى قام المستعمرون بهذا الفعل، لكن غياب العائلة بشكل كامل عن المنطقة، بسبب منع جيش الاحتلال الإسرائيلي لها قاد إلى عدة احتمالات منطقية. لكن صوافطة يرجح أن الحدث كان قبل أيام.
"لقد وجدنا الثمار مسروقة، والأغصان المرمية على الأرض شبه جافة، وهي دلالة على مضي أكثر من يوم على تكسيرها". أضاف.
يقيم الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عام نقطة تفتيش دائمة عند التخوم الغربية لقرية بردلة، ويمنع من خلالها عائلة صوافطة من الوصول إلى أراضيها المزروعة بعشرات أشجار الزيتون المثمرة.
سنويا ينتج هذا الحقل متوسط عشرين تنكة زيت، يتم بيع معظمها كنوع من أنواع التجارة. وتحتاج هذه الكمية إلى عشرة أشخاص من ذوي القوة، يُمضون حوالي أسبوعا كاملاً في قطفها، وهذا ما يعزز الفرضية التي قالها صوافطة إن المستعمرين استغلوا عدم وجود أصحاب الحقل، وسرقوا ثمار الزيتون وكسروا الأشجار لكن هناك احتمالية أخرى.
يقول صوافطة: ربما احتاج المستعمرون إلى وقت طويل لقطف كل الثمار، مستغلين غيابنا عن الأرض.
"وجدنا الحقل لا يشبه الحالة التي تركناه عليها، فقد كان المستعمرون يرعون أبقارهم داخله".
في التقرير الذي نُشر على موقع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن عدد الاعتداءات التي استهدفت الأشجار والمزروعات الفلسطينية في الفترة الزمنية التي يغطيها التقرير عن شهر آب 2025 ما مجموعه 68 عملية اعتداء، استهدفت أشجار الزيتون، وتسببت في اقتلاع وتضرر وتخريب وتسميم وإحراق ما مجموعه 11700 شجرة، من ضمنها 11599 شجرة زيتون.
وعلى مدار عشر سنوات، كانت العائلة تولي اهتماما كبيراً بعناية أشجار الزيتون، لكن منذ خريف العام الماضي انقطعت القدم عن ذلك الحقل بعدما أقام مستعمرون البؤرة الاستعمارية في المنطقة.
قال صوافطة: "لحق الزيتون ضرر كبير بسبب عدم مقدرتنا على الوصول إليه وريه".
ورصدت طواقم هيئة مقاومة الجدار والاستيطان خلال الفترة الزمنية التي يغطيها التقرير عن شهر آب 2025 ما مجموعه 1613 اعتداءً، نفذتها قوات الاحتلال المختلفة بما فيها المستعمرون على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، منها 1182 على يد جيش الاحتلال، و431 على يد المستعمرين.
وبين التقرير أن هذه الاعتداءات تراوحت بين القتل والإصابات الجسدية، سواء بالاعتداء بالرصاص الحي أو الغاز أو الإرهاب، وكذلك اقتحامات المدن والقرى وتخريب الممتلكات وسرقتها والاستيلاء عليها، وتجريف أراضٍ واقتلاع الأشجار، وإعاقات وحواجز عسكرية تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية.
وقد تركزت هذه الاعتداءات في محافظات رام الله والبيرة بـ321 عملية اعتداء، تلتها نابلس بـ274، ثم الخليل بـ220، حيث شهدت هذه المحافظات اعتداءات بشكل مكثف بما يعادل (51%) من مجمل هذه الاعتداءات.
أما باقي المحافظات فلم يكن حالها أفضل، حيث تعرضت محافظات طولكرم وبيت لحم والقدس لأكثر من مئة اعتداء.
وتوزعت هذه الاعتداءات ما بين 384 عملية اعتداء على الممتلكات والأماكن الدينية، و114 عملية اعتداء على الأراضي والثروات الطبيعية، و1115 عملية اعتداء على الأفراد.
ــــ
ح.ح/ر.ح