مجلس الأمن يعقد مناقشة مفتوحة حول القضية الفلسطينية
نيويورك 23-7-2025 وفا- حث مسؤول أممي رفيع مجلس الأمن على الضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، محذرا من أن الحرب أصبحت "كابوسا ذا أبعاد تاريخية".
هذا ما جاء على لسان خالد خياري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خلال حديثه في المناقشة المفتوحة ربع السنوية لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وقد ترأس الاجتماع محمد إسحاق دار، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني الذي تترأس بلاده مجلس الأمن لشهر تموز/يوليو.
وحذّر خياري من أن "الوضع المروع" في القطاع يتدهور باستمرار، في خضم اتساع العدوان العسكري الإسرائيلي وتزايد الخسائر البشرية "ساعة بعد ساعة".
وقال إن "العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في دير البلح، والتي أدت إلى مزيد من نزوح الفلسطينيين والضربات المباشرة على منزلي ضيافة تابعين للأمم المتحدة، فاقمت الوضع المتردي وأعاقت العمليات الإنسانية".
وأضاف المسؤول الأممي أن "ما لا يقل عن 1,891 فلسطينيا قُتلوا في غزة منذ إحاطته الأخيرة في 30 حزيران/يونيو. وأفيد بأن حوالي 294 شخصا قُتلوا أثناء محاولتهم جمع المساعدات، بما في ذلك بالقرب من مواقع توزيع المساعدات العسكرية. وواصلت القوات الإسرائيلية إصدار أوامر الإخلاء، مما تسبب في نزوح متكرر للسكان".
وتابع أن الوضع داخل القطاع - وخاصة بالنسبة للنساء والأطفال - "أكثر خطورة من أي وقت مضى في هذه الأزمة".
وبشأن أزمة الوقود في القطاع، قال خياري إن "السلطات الإسرائيلية سمحت بدخول عدد قليل من شاحنات الوقود عبر معبر كرم أبو سالم، منذ 9 تموز/يوليو، وبعد 130 يوما من الحظر الكامل على الوقود"، لكنه أشار إلى أن الكميات التي سمح بدخولها "لا تمثل سوى جزء ضئيل مما هو مطلوب لتشغيل الخدمات الأساسية المنقذة للحياة في غزة، حيث تعتمد جميع جوانب الحياة تقريبا على الوقود".
وناشد الأطراف إنهاء الحرب، وإطلاق سراح جميع الرهائن، والسماح للمواطنين الفلسطينيين في غزة بالحصول على المساعدة الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها. وفي هذا السياق، حث جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك أعضاء المجلس، "على اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتحقيق هذه الغاية".
وقال خياري إن "الوضع في الضفة الغربية المحتلة لا يزال مقلقا للغاية، مع ارتفاع مستويات العنف الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة، والتي تنطوي على العديد من الإصابات في صفوف المدنيين وأضرار جسيمة في المنازل والبنية التحتية، وهجمات المستوطنين على الفلسطينيين".
وأشار إلى أن "التوسّع الاستيطاني مستمر أيضا، حيث كثف العديد من الوزراء وأعضاء الكنيست دعواتهم للحكومة لضم الضفة الغربية رسميا أو أجزاء منها".
وأوضح مساعد الأمين العام أن السلطة الفلسطينية لا تزال تواجه أزمة مالية حادة، الأمر الذي قال إنه يؤثر بشدة على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الأساسية والحفاظ على الخدمات العامة الأساسية.
وأضاف: "ما لم تتم معالجة تدهور الوضع المالي والمؤسسي للسلطة الفلسطينية على وجه السرعة، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة، مما يقوّض التقدم الكبير المحرز على مدى سنوات عديدة لبناء المؤسسات الفلسطينية. من الضروري أن يقدم المجتمع الدولي دعما فوريا لمواجهة تحدياتها المالية، وتعزيز قدرتها على الحوكمة، وإعدادها لاستئناف مسؤولياتها في غزة".
وفي خضم هذه الأزمات المتعددة، أخبر خياري المجلس أن الأونروا لا تزال تواجه ضغوطا تشغيلية وسياسية ومالية هائلة، وقد فقدت 330 من موظفيها في الحرب في غزة.
وأضاف: "لا يمكنني المبالغة حول مدى خطورة الأزمة المالية للوكالة. بناء على التوقعات الحالية، لا يوجد ما يكفي من المال لدعم جميع العمليات في جميع المجالات بعد آب/أغسطس 2025".
وقال مساعد الأمين العام إن هناك حاجة إلى خطوات عاجلة "لعكس المسار المقلق للغاية الذي نراه في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، وشدد على أنه لن يكون هناك حل دائم لهذه الأزمة دون أفق سياسي لحل الصراع وإنهاء الاحتلال.
وأكد أن الاجتماع الوزاري المقبل لدعم حل الدولتين، الذي تستضيفه فرنسا والمملكة العربية السعودية بالاشتراك، يُعد "لحظة حاسمة" للتعبير عن الدعم للسلطة الفلسطينية، ولإثبات "من خلال خطوات ملموسة، التزامنا الثابت بحل الدولتين".
منصور يدعو إلى تشكيل تحالف لإنهاء الإبادة الجماعية ودعم القانون الدولي
وفي كلمته، قال مندوب دولة فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور إن إسرائيل دمرت البنية التحتية للحياة في غزة، لكن الهدف الحقيقي، "هو تدمير مليوني فلسطيني ما زالوا في القطاع للسيطرة على الأرض"
وقال منصور: "إن الطفلة رزان، البالغة من العمر أربع سنوات، قاومت قدر استطاعتها، لكن جسدها انهار وتوفيت يوم الأحد بسبب سوء التغذية".
وأضاف أنه يوم أمس، توفي الرضيع يوسف، البالغ من العمر ستة أسابيع، جوعًا، وكان من بين 15 شخصًا ماتوا جوعًا خلال الـ24 ساعة الماضية في غزة.
وتابع: "إسرائيل دمرت كل شيء، حياتهم، منازلهم، المساجد والكنائس، المدارس والمستشفيات، البنية التحتية للحياة بأكملها، وحتى المقابر"، محذرًا: "لكن لا تخطئوا، الهدف الحقيقي هو مليوني فلسطيني لا يزالون في غزة. بالنسبة لإسرائيل، فإن تدميرهم مطلوب لتنفيذ مخططها للاستيلاء على الأرض."
وأردف أن المواطنين في غزة يسمعون عن الغضب والإدانة إزاء أفعال إسرائيل في القطاع "لكنهم لا يجدون طعاما ينقذ حياتهم وحياة أحبائهم أو يُقتلون بالرصاص وهم يحاولون الوصول إليه. إنهم يدفنون أبناءهم وبناتهم كل يوم. إنهم ينحفون بينما تنهش أجسادهم كل يوم، ويضعفون، ويصبح كفاحهم من أجل البقاء أكثر إيلاما وسحقا كل يوم".
وأكد أن العالم اليوم يقف عند منعطف تاريخي، داعيا إلى "تشكيل تحالف من الراغبين في اتخاذ كل إجراء ضروري الآن لإنهاء الإبادة الجماعية، ودعم القانون الدولي، وإنقاذ ما تبقى من إنسانيتنا تحت الأنقاض في غزة، وإنهاء الاحتلال والصراع".
وأشار إلى أن المؤتمر الدولي الذي دعت إليه السعودية وفرنسا في نهاية هذا الشهر يُعد فرصة فريدة لتحويل القانون الدولي والإجماع الدولي إلى خطة قابلة للتنفيذ، ولإظهار العزم على إنهاء الاحتلال والصراع بشكل نهائي.
وزير خارجية باكستان: الفشل في حماية حقوق الشعب الفلسطيني سيشجّع على الإفلات من العقاب
وفي كلمته، قال نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار، إن "غزة أصبحت مقبرة للأرواح البريئة، وكذلك للقانون الدولي، لا سيما القانون الإنساني الدولي".
وأكد أن الاستهداف المنهجي للمستشفيات والمدارس ومرافق الأمم المتحدة وقوافل المساعدات ومخيمات اللاجئين "ليس عرضيًا"، بل هو "أعمال متعمدة من العقاب الجماعي".
وأضاف: "القضية الفلسطينية هي المحك الحقيقي لمصداقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن ونزاهة القانون الدولي"، مشددًا على أن "الفشل في حماية حقوق الشعب الفلسطيني سيشجّع على الإفلات من العقاب، ويقوّض شرعية النظام الدولي نفسه الذي ندّعي جميعًا الدفاع عنه والتمسك به".
وحذّر مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة فو كونغ، من كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة، مطالبا بوقف فوري للهجمات العسكرية الإسرائيلية، خاصة في ظل استمرار الحرب على القطاع.
وأكد فو كونغ أن استمرار الهجمات الإسرائيلية، وفرض القيود على دخول المساعدات، إلى جانب استخدام آليات توزيع عسكرية للمساعدات الإنسانية، كلها أمور أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
وطالب مندوب الصين إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية فورًا، والامتثال التام للقانون الإنساني الدولي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتوفير الدعم الكامل لجهود الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
وأعربت ممثلة الدنمارك عن أسفها الشديد إزاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة، حيث "تم حشر السكان في أقل من 14 في المائة من مساحة القطاع".
وقالت: "واقعهم اليومي هو الموت الوشيك، إما بسبب الأعمال العدائية (الإسرائيلية)، أو الجوع، أو المرض".
كما أعربت عن قلق بالغ إزاء أوامر الإخلاء الجديدة التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي وتشمل مجمع الأمم المتحدة في غزة، وكذلك الهجمات (الإسرائيلية) الأخيرة على مستودع ومرفق كانا يؤويان موظفين من منظمة الصحة العالمية.
وشددت على أن "جميع مقرات الأمم المتحدة مصونة ويجب حمايتها".
بدوره، قال ممثل روسيا: "يجب على إسرائيل أن تدرك أخيرا أنه من المستحيل تغيير الجغرافيا، وعليها أن تتعايش مع جميع جيرانها"، مضيفا أن "القضايا المزمنة في الشرق الأوسط لا يمكن حلها من خلال القوة".
من جهته، قال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع إنه في مواجهة الهمجية، "يجب أن يكون ردّنا هو الكرامة"، وفي مواجهة الجوع، "يجب أن يكون ردّنا هو تقديم شريان الحياة من المساعدات"، وفي مواجهة الظلم، "يجب أن يكون ردّنا هو سيادة القانون"، وفي مواجهة محاولات محو أمة، "يجب أن يكون ردّنا هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف".
من جانبها، قالت ممثلة الولايات المتحدة الأميركية، إن "فقدان الأرواح المدنية في قطاع غزة مأساوي"، مضيفة أن واشنطن لا تؤيد التهجير القسري للفلسطينيين من غزة.
وأشارت ممثلة إندونيسيا إلى المؤتمر رفيع المستوى المرتقب بشأن حل الدولتين، والمقرر عقده في الفترة من 28 إلى 30 تموز/ يوليو الجاري تحت رعاية الجمعية العامة، واصفةً إياه بأنه "لحظة فارقة" لإعادة إحياء التعددية في تسوية النزاعات بالطرق السلمية.
وأضافت أن إندونيسيا تفخر بكونها إحدى الدول التي تتولى رئاسة فريق العمل المشترك في هذا الحدث.
ــــ
ع.ف