نيويورك 23-9-2025 وفا- عقد مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الثلاثاء، جلسة مفتوحة، ناقش خلالها الأوضاع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن إحلال السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط لن يتحقق أبدا بواسطة المزيد من العنف، بل يقتضي التزاما جماعيا بالعمل الدبلوماسي وبالقانون الدولي وبتحقيق الكرامة للناس قاطبة، داعيا المجلس إلى أن يتخذ ما يتعين من إجراءات.
وتابع غوتيريش أمام المجلس: "يجب على كل عضو من أعضاء مجلس الأمن أن يوفي بالمسؤوليات الواقعة على كاهله. ولا ينبغي أن نترك هذه الفرصة الدقيقة تنفلت من بين أيدينا".
وجدد تحذيره من أن إمكانية تحقيق حل الدولتين آخذة في التلاشي باطراد وقد بلغتْ الآن أدنى مستوياتها منذ عقود. ومن مظاهر ذلك استمرار توسع المستوطنات، وضم الأراضي بحكم الواقع، والتهجير القسري".
وأثنى غوتيريش على فرنسا والمملكة العربية السعودية لاشتراكهما في رئاسة هذا الاجتماع المهم وإسهامهما في تحفيز الزخم السياسي.
ورحب باعتراف العديد من الدول الأخرى بالدولة الفلسطينية، ومنها الدولتان دائمتا العضوية في المجلس، فرنسا والمملكة المتحدة.
وحذر من أن تجاهل قرارات الأمم المتحدة يستمر، وأحكام القانون الدولي الإنساني تُنتهك، والإفلات من العقاب يسود، ومصداقيتنا الجماعية تتلاشى.
بدوره، قال وزير خارجية جمهورية كوريا الجنوبية تشو هيون، "مع أخذ جميع الاعتبارات في الحسبان، فإن كوريا ملتزمة بالاعتراف بدولة فلسطين في اللحظة التي يكون فيها ذلك فعلاً مساعداً على تحقيق حل الدولتين."
وأضاف: "وفي مداولاتنا اليوم، يجب ألا نغفل عن هدفنا المشترك: شرق أوسط يتمكّن فيه جميع الناس، على اختلاف مشاربهم، من التعايش بسلام وأمن وازدهار."
من جهته، أشاد نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية في باكستان محمد إسحاق دار، بحالات الاعتراف الأخيرة بدولة فلسطين من قبل عدد من الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن باكستان كان لها شرف أن تكون من أوائل الدول التي اعترفت بفلسطين عقب إعلان الاستقلال عام 1988.
وقال: "يجب الحفاظ على هذا الزخم الإيجابي بعزم راسخ، وجدية في الهدف، والتزام لا يتزعزع بتحقيق حل عادل ودائم".
وأضاف دار: "إن الشعب الفلسطيني يواجه أزمة ذات أبعاد تاريخية، ومعاناته وصمة عار على ضميرنا الجمعي."
وأكد أن غزة تحولت إلى "مقبرة للإنسانية والضمير العالمي"، داعياً المجلس والمجتمع الدولي الأوسع إلى التحرك الحاسم من أجل صون الكرامة الإنسانية، وضمان المساءلة، وتحقيق العدالة.
وقال نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية في باكستان: "لقد انتهى وقت الكلام، وحان وقت الفعل".
بدوره، قال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، إن حرب الإبادة الكاملة في غزة لم يعد بالإمكان إنكارها.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يفتتح جبهات جديدة من العدوان في المنطقة ويستمر بلا توقف، مشيراً إلى الهجمات ضد اليمن ولبنان وسوريا وإيران، وآخرها ضد قطر.
وحذّر من أن "هذه القائمة قد تتوسع أكثر"، مشيراً إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى إعادة رسم الحدود في المنطقة" لترسيخ احتكاره المطلق. وبينما تدّعي إسرائيل أنها "محاطة بأعداء يسعون لتدميرها"، فإنها تتصرف "بتغطرس ضد جميع دول المنطقة". وتزعم أنها "مزار للديمقراطية"، لكنها في الواقع "أخطر تهديد" على السلام والأمن الإقليمي والدولي.
وقال وزير الخارجية الجزائري: "مسألة الأمن في الشرق الأوسط لم تبدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023"، وإن اختزالها في هذا التاريخ سيكون "غير عادل ومنحاز".
وشدد على أنه "لا بديل عن حل الدولتين"، داعياً إلى العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.
من ناحيته، قالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر: "بعد عامين من إراقة الدماء، فإن العالم متحد في رغبته بإنهاء هذه الحرب المروعة؛ متحد في رغبته بالإفراج الفوري عن الرهائن ورفضه لأي دور لحركة حماس في مستقبل غزة؛ متحد في رغبته بأن ترفع إسرائيل الحصار وتضع حداً للكارثة الإنسانية؛ ومتحد في رغبته بمستقبل أفضل وأكثر سلاماً للمنطقة، مع إعادة إعمار غزة وبدء عهد جديد من العلاقات التي تدعم الأمن الجماعي".
وأضافت: "يجب أن يستند هذا المستقبل إلى حل الدولتين"، مؤكدة أن "الاعتراف التاريخي للمملكة المتحدة بدولة فلسطين قبل أيام قليلة هو جزء من التزامنا بالسلام".
بدوره، أدان ممثل فرنسا، فقدان أرواح الأبرياء في غزة، واحتمال التهجير القسري غير المقبول لسكان غزة. ومع انتشار المجاعة في قطاع غزة، أكد أن "كل الأرواح لها نفس القيمة"، مشدداً على أن إطلاق سراح الرهائن يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع وقف إطلاق نار دائم في غزة، وتسليم المساعدات الإنسانية بشكل آمن وكبير ودون عوائق.
واستذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعترف بدولة فلسطين أمس، وذكر إعلان نيويورك كـ"خارطة الطريق" للمستقبل، داعياً إلى إدارة انتقالية في غزة تحت إشراف السلطة الفلسطينية.
وأكد أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين مستعدون للمساهمة، بما في ذلك المشاركة في مهمة دولية لاستقرار المنطقة، يُقررها المجلس عندما يحين الوقت.
وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور: "الفلسطينيون ليسوا كائنات أدنى. نحن نستحق الحياة والحرية والكرامة. الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل بحق شعبنا في غزة لا يمكن تبريرها بأي حال."
وأضاف أن الفلسطينيين والإسرائيليين يجب ألا يُحكم عليهم بالحرب الدائمة، مشدداً على الالتزام بالسلام قولاً وفعلاً. وبينما ستفي فلسطين بالتزاماتها، يجب أيضاً إجبار إسرائيل على احترام التزاماتها. وقال: "لا إبادة جماعية، لا استيلاء، لا تهجير قسري، لا استعمار، لا ضم، لا احتلال."
وأكد أن التغيير أصبح ضرورياً منذ زمن بعيد، وأن التغير الكبير في العالم الداعم لتقرير المصير والاستقلال الفلسطيني، ولدعم السلام والأمن، يجب أن يقود إلى تغيير جذري على الأرض، داعياً إلى: "أنقذوا غزة، أنقذوا فلسطين، أنقذوا السلام."
وقال ممثل تركيا، متحدثاً باسم منظمة التعاون الإسلامي، إن الوقت قد حان للمجلس للاضطلاع بواجباته في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، بما في ذلك من خلال الموافقة على قبول دولة فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة.
وأكد أن الطريق لحل هذا الظلم الطويل والتاريخي يكمن في استعادة الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في أرض وطنه، وتنفيذ الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية، بالإضافة إلى القرارات ذات الصلة للأمم المتحدة بشأن قضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين.
وأضاف: "هذا هو مفتاح السلام والأمن في الشرق الأوسط وفي عالمنا."
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن "ما تشهده غزة غير مسبوق في الوحشية والبربرية؛ لكن أهدافه صارت واضحة، وهي: محو المجتمع الفلسطيني من الوجود، وتهجير السكان إلى خارج القطاع بعد جعل كل أرضه غير صالحة للحياة".
وأضاف: "أقول بكل وضوح إن الرضوخ لهذه الخطة الوحشية والجنونية يفقد المجلس كثيرًا من شرعيته، ويقوض دوره في حفظ السلم والأمن الدوليين، فما يجري في غزة لن يبقى في غزة".
وحذّر من أن "الخطة التي تباشرها إسرائيل بلا هوادة لإعادة احتلال القطاع وتشريد سكانه، سيكون من شأنها زعزعة الأمن الإقليمي بأسره، وتوسيع دائرة الصراع، وخلق بؤر مستمرة للتوتر والعنف".
وذكر أنه "آن للمجلس اتخاذ القرار الصائب أخلاقيًا والصحيح عمليًا بوقف هذه الحرب، التي دخلت إلى دائرة الجنون، ولم يعد لها منطق سوى الانتقام الأعمى من مليوني فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال".
واختتم: "فلنوقف الحرب اليوم قبل الغد، ونشرع فورًا في إعادة إعمار غزة وإعادة أطفالها إلى طفولتهم المستحقة، وأقول بصوت عالٍ: كفى، أوقفوا نزيف الدم والقتل الذي لطخ كل الإنسانية، إنها مسئولية هذا المجلس أمام التاريخ".
ــــ
م.ل، ع.ف