رام الله 23-10-2025 وفا- بلال غيث كسواني
تشهد "الكنيست" الإسرائيلية حراكاً تشريعياً متسارعاً داخل أروقتها، يعكس سباقاً محموماً بين أحزاب اليمين على من يتصدر مشروع ضم الضفة الغربية، في وقت تتداخل فيه الحسابات السياسية الداخلية مع المساعي الميدانية لترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الأرض.
ورأى مختصان في الشأن الإسرائيلي، أن ما يجري لا يشكل بعدُ خطوة قانونية نحو الضم الفعلي، بقدر ما يعكس توجهاً إستراتيجياً لتكريس الضم الزاحف عبر التشريعات والاستعمار، وسط توافق إسرائيلي واسع على المبدأ واختلاف في الأساليب والتوقيت.
مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" هنيدة غانم، أوضحت أن على طاولة الكنيست العديد من مقترحات قوانين الضم، منها مثلا قانون ضم منطقة "معاليه أدوميم"، وقانون ضم منطقة "أرئيل"، وقانون ضم منطقة الخليل، وقانون ضم منطقة الأغوار، إضافة إلى قانون ضم الضفة الغربية كلها.
وأضافت في منشور ها: أن قوانين الضم تأتي تحت عنوان: "سريان القانون الإسرائيلي وتطبيق السيادة" وليس الضم، لأن المناطق مضمومة من ناحية من يتقدم بالقوانين.
وأشارت إلى أنه بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، تمت المصادقة بالقراءة التمهيدية على مقترح ضم الضفة، وما زال القانون يحتاج إلى ثلاث قراءات ليتم سنه، وقد يتم لاحقا التغيير فيه أو دمجه بمقترحات أخرى مطروحة من النوع نفسه.
ولفتت إلى أن الكنيست تشهد حالة من التنافس بين أعضاء من تيارات اليمين على سبق الضم، وتنافس من يقدم المشاريع الأكثر تطرفا، موضحة أن "الأحزاب الإسرائيلية من الوسط واليمين في حرب على كثير من الأشياء الداخلية، لكنها لا تختلف على مبدأ الضم، بقدر ما تختلف على التكتيك والتوقيت، لذلك فعلى الأغلب ما سيجري هو تجميد القانون الذي مر الأربعاء، وتمرير قوانين ضم بالقطعة، والبداية ستكون من منطقة القدس يعني ضم كتلة "معاليه أدوميم".
وتابعت: حاليا تمت أيضا المصادقة بالقراءة التمهيدية على قانون ضم "معاليه أدوميم" الذي قدمه ليبرمان، وهذا القانون أيضا على الأغلب سيجمد وستتم إعادة دمجه مع قوانين مقدمة من الائتلاف، وفي النهاية الاتجاه واضح، العمل على ضم ما يمكن ضمه من أراضي الضفة.
إقرأ أيضا: تسلسل زمني لمشاريع الاحتلال لضم الضفة الغربية
من جانبه، قال الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إن التصويت على القانونين هو فوضى داخل الائتلاف وليس ضما فعليا للضفة، ولكن بالمقابل لا يلغي فكرة الضم عبر تسليح المستعمرين واعتداءاتهم ومساعي الضم على الأرض بشكل متسارع في البنية التحتية والاستيلاء على الأراضي والحواجز العسكرية، مضيفا أن كل ما يحدث على الأرض يثبت أن إسرائيل لديها مشاريع بعيدة المدى للضم.
وأوضح أن ما حدث في الكنيست أن المعارضة الإسرائيلية التي تعارض الضم، صوتت مع القانون كي تحرج نتنياهو وتخلق له أزمة مع العالم والإدارة الأميركية، وكي تحاول أن تزعزع استقرار الائتلاف، فجاءت النتيجة بهذا الشكل، سواء ضم الضفة ككل أو ضم كتلة "معاليه أدوميم"، مشيرا إلى أن التصويت تم بالقراءة التمهيدية، وهناك ثلاث جولات تصويت، معتقدا أن القانونين لن يمرا وسيؤجلان أو يجمدان وكل طرف سيعود لمواقفه التقليدية.
ولفت إلى أن إدارة ترمب تشعر أن نتنياهو يتلاعب بها رغم تعهدها أمام العالم بعدم الضم، واليوم ليس هناك تفسير واضح للضم، فهناك أفكار لضم الكتل الاستعمارية الكبرى والأغوار والمستعمرات، أي 82% من الضفة مثل ما يريد الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وهناك من يرفض الضم كليا ويدعو إلى الانفصال عن الفلسطينيين، ومهمتنا الحالية هي مواجهة الضم ومحاولة دعم السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لمواجهة الضم على الأرض، فالتشريعات ليس لها أي قيمة مقابل ما يحدث على الأرض.
يُذكر أن الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلية، أقرت بالقراءة التمهيدية بأغلبية الأصوات، يوم الأربعاء، مشروع قانون يقضي بفرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية" على أنحاء الضفة الغربية المحتلة كافة. وبادر إلى مشروع القانون عضو الكنيست آفي ماعوز من "كتلة نوعام"، التي تضمه وحده.
وسعى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى تأجيل التصويت، وعدم طرحه على الهيئة العامة، إلّا أن النائب ماعوز الذي كان يتولى منصب نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة، وهو محسوب على الائتلاف، أصر على طرحه. وحصل القانون على تأييد 25 نائبًا، من نواب الائتلاف.
بينما تغيّبت أغلبية المعارضة البرلمانية عن التصويت، ولهذا عارض القانون 24 نائبًا، هم نواب كتل "الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير"، و"القائمة العربية الموحدة"، وحزب "العمل" وجزء من كتلة المعارضة الأكبر، "يوجد مستقبل".
وتغيّب عن جلسة التصويت نواب كتلتي "أزرق أبيض" بزعامة بيني غانتس"، و"إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان، وجزء كبير من نواب "يوجد مستقبل".
كما أقرت الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية بأغلبية الأصوات، مشروع قانون يقضي بفرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية" على مستعمرة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضي الفلسطينيين شرق القدس المحتلة، وتمتد أطرافها حتى مشارف البحر الميت. وبادر إلى مشروع القانون رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المعارضة أفيغدور ليبرمان.
وحصل القانون على تأييد 32 نائبًا من نواب الائتلاف والمعارضة، وبضمنها كتل المعارضة "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان، و"أزرق- أبيض" بزعامة بيني غانتس، و"يوجد مستقبل" بزعامة يائير لبيد.
وعارض مشروع القانون 9 نواب من كتلتي "الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير"، و"القائمة العربية الموحدة".
وتم تحويل مشروعي القانونين إلى لجنة الخارجية والأمن، التي يرأسها نائب عن حزب الليكود. ولرئيس اللجنة صلاحية في وتيرة مناقشة القانونين، لإنجازهما للقراءة الأولى وعرضهما على الهيئة العامة للكنيست.
ـــــ
ع.ف